أظهرت بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري أن إجمالي الإيرادات المتأتية من قناة السويس بلغ نحو 61 مليار دولار خلال الأعوام المالية العشرة الماضية، ما يؤكد الأهمية الاستراتيجية المتنامية لهذا الممر المائي الحيوي في دعم الاقتصاد المصري.
وتُعد قناة السويس، التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، أحد أهم الممرات البحرية في العالم وأكثرها ازدحاماً، حيث يمر عبرها حوالي 12% من حجم التجارة العالمية. وتوفر القناة مصدر دخل رئيسي لمصر ، إلى جانب مساهمتها في قطاعات النقل واللوجستيات والخدمات المرتبطة بها.
ووفقاً لبيانات البنك المركزي، فإن الإيرادات السنوية لقناة السويس شهدت نمواً مطرداً على مدى العقد الماضي، على الرغم من التحديات العالمية التي شهدتها حركة التجارة، لا سيما جائحة كوفيد-19 في عام 2020م، والأزمات الجيوسياسية المتتالية، ومنها الحرب في أوكرانيا والهجمات المتكررة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر مؤخراً.
وقد جاء هذا النمو مدفوعاً بعدد من العوامل، أبرزها مشروع توسعة قناة السويس الذي افتُتح في عام 2015م، والذي ساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة وتقصير زمن عبور السفن، ما جعلها أكثر جذباً لشركات الشحن الكبرى. كما قامت هيئة قناة السويس بتحسين بنيتها التحتية، وتطوير الخدمات المقدمة للسفن العابرة، إلى جانب اتباع سياسة تسعيرية مرنة لمواكبة المتغيرات في السوق العالمية.
وبحسب تقارير سابقة لهيئة قناة السويس، فقد سجلت القناة أعلى إيرادات سنوية لها في العام المالي 2022-2023، حيث تجاوزت 9.4 مليار دولار، وهو ما اعتُبر مؤشراً إيجابياً على استقرار الأداء رغم التحديات، كما أُشير إلى أن عدد السفن العابرة للقناة بلغ أكثر من 23 ألف سفينة في العام نفسه.
ويرى خبراء اقتصاديون أن عائدات القناة تلعب دوراً محورياً في دعم ميزان المدفوعات المصري، وتمويل واردات الدولة من السلع الأساسية، فضلاً عن كونها أحد مصادر دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي.
وتسعى الحكومة المصرية حالياً إلى زيادة إيرادات القناة بشكل أكبر من خلال مشاريع مستقبلية، تشمل تطوير الممرات الملاحية، وإقامة مناطق لوجستية وصناعية على جانبي القناة ضمن خطة متكاملة لجعل إقليم قناة السويس مركزاً عالمياً للتجارة والخدمات البحرية.
وفي ظل تقلبات الاقتصاد العالمي والتحديات التي تواجه سلاسل الإمداد، تبقى قناة السويس ركيزة استراتيجية للاقتصاد المصري ومصدر دخل موثوق للدولة، في وقت تزداد فيه أهمية تأمين الممرات البحرية وتطوير البنى التحتية المرتبطة بالتجارة الدولية.