حذّر تقرير أممي حديث صادر عن “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” (IPC) من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الغذاء المحلية. وأشار التقرير إلى أن نحو 1.95 مليون شخص، أي ما يعادل 93% من سكان القطاع، يعانون من مستويات متفاوتة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 244 ألفاً وصلوا إلى “مرحلة الكارثة”، وهي المرحلة الخامسة والأخطر التي تسبق إعلان المجاعة.
وبحسب التقرير، الذي تم بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ومركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (UNOSAT)، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص في مرحلة الكارثة إلى 470 ألفاً بحلول سبتمبر 2025، ما يزيد من احتمالات تفشي المجاعة على نطاق واسع.
وأشار التصنيف إلى انهيار القطاع الزراعي في غزة، إذ لم يتبقَّ سوى 4.6% من الأراضي الزراعية صالحة للإنتاج، في حين تضررت أكثر من 80% من المساحات المزروعة بفعل الهجوم الإسرائيلي المستمر. وتفاقمت الخسائر نتيجة الدمار الكبير الذي طال البيوت البلاستيكية والآبار، حيث تضررت 71.2% من “الدفيئات الزراعية” و82.8% من الآبار، ما أدى إلى شلل شبه كامل في القدرة على إنتاج الغذاء محلياً.
وقبل اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، كان القطاع الزراعي يشكل نحو 10% من الاقتصاد المحلي، ويؤمّن سبل العيش لأكثر من نصف مليون شخص. لكن الهجمات المتكررة واستهداف البنية التحتية الحيوية أجهضت هذا القطاع كليّاً، ما أدى إلى توقف شبه تام في الإنتاج المحلي للغذاء، وارتفاع مستويات البطالة والفقر، وتسارع وتيرة الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي تعاني بدورها من قيود خانقة. وتشير تقديرات “الفاو” إلى أن خسائر القطاع الزراعي تجاوزت 2 مليار دولار، في حين قدّرت تكلفة إعادة الإعمار بنحو 4.2 مليار دولار.
واعتبرت بيث بِشدول، نائبة المدير العام لـ”الفاو”، أن حجم الدمار في غزة لا يقتصر على البنية التحتية فحسب، بل يمثل “انهياراً كاملاً في نظام الأغذية والزراعة وانقطاعاً لسبل الحياة”، مؤكدة أن التعافي سيتطلب استثمارات كبيرة والتزاماً طويل الأمد.
وتتزامن هذه التحذيرات مع استمرار النزوح، ونقص الغذاء، وغياب الخدمات الأساسية لأكثر من مليوني فلسطيني، في ظل القيود المفروضة من إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية. وتخشى الأمم المتحدة من أن يؤدي استمرار النزاع وتقييد المساعدات إلى مجاعة وشيكة، في واحدة من أخطر الأزمات الغذائية التي يشهدها العالم اليوم.