يشهد قطاع السياحة في الجزائر تحولاً حقيقياً يتمثل في تسارع الاستثمارات الرامية إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق والمنشآت السياحية، حيث يعتبر هذا القطاع من أهم الركائز الاستراتيجية التي تعتمد عليها السلطات العامة للترويج لـ „وجهة الجزائر” وتعزيز مساهمتها في تنويع الاقتصاد الوطني.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن الجهات الرسمية، تعمل الجزائر حالياً على تنفيذ 582 مشروعاً من أصل 2562 مشروعاً معتمداً قيد الإنشاء، ومن المتوقع أن تضيف هذه المشاريع حوالي 70 ألف سرير جديد بحلول نهاية عام 2025. ويهدف هذا التوسع إلى رفع الطاقة الاستيعابية من 140 ألف سرير حالياً إلى أكثر من 210 آلاف سرير، بما يسهم في تقليص عجز أماكن الإقامة وتوفير أسعار مناسبة تشجع السياحة الداخلية.
وفي مواجهة المنافسة القوية من وجهات سياحية مجاورة مثل تونس، أطلقت الحكومة الجزائرية عدة حوافز لدعم هذا القطاع، من بينها تقديم تسهيلات للمستثمرين، وتحسين برامج التدريب السياحي، إلى جانب تطوير مشاريع المنتجعات الصحية والعلاج بمياه البحر.
وتعمل الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار (AAPI) بالتعاون مع الوكالة الوطنية للأراضي السياحية (ANFT) على تحسين استغلال الأراضي السياحية من خلال تطوير مناطق التوسع السياحي وتقنينها وإنشاء مواقع جديدة، خاصة في المناطق الساحلية والهضاب العليا التي تم تحديدها كأقطاب استراتيجية بفضل ما تتمتع به من إمكانيات ثقافية وطبيعية كبيرة لا تزال غير مستغلة بالشكل الأمثل.
كما تلعب الابتكارات التكنولوجية دوراً محورياً في دفع القطاع، حيث بدأت بعض الشركات الناشئة بتقديم حلول رقمية مبتكرة للترويج للسياحة في الجزائر، تشمل خدمات الحجز الإلكتروني وتصميم جولات سياحية مخصصة للأفراد وفق اهتماماتهم.
وأكد التقرير أن نجاح قطاع السياحة المستدامة والتنافسية يعتمد بدرجة كبيرة على تحسين أساليب الإدارة وتعزيز التنسيق بين الأطراف الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني. ويُعد دعم الاستثمارات وتسهيل الحصول على القروض وإدخال خدمات تأمين السفر من الإجراءات الضرورية لإعادة هيكلة القطاع وتحويله إلى رافعة قوية للنمو الاقتصادي الوطني.
ويعكس هذا التوجه طموح الجزائر في إعادة إحياء قطاعها السياحي وجعله مساهماً حقيقياً في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة ودعم سلاسل القيمة المرتبطة به، بما يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية كوجهة سياحية متنوعة وغنية بالتاريخ والثقافة والطبيعة الخلابة.