في خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن الطاقي ودعم التنمية المستدامة، أعلن المغرب عن إطلاق مناقصة لإنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال في ميناء الناظور المطل على البحر الأبيض المتوسط. جاء هذا الإعلان خلال الدورة السادسة عشرة لمؤتمر “الطاقات: ركيزة إستراتيجية للأمن المائي والتنمية المستدامة” الذي عُقد في مدينة ورزازات بتاريخ 23 أبريل 2025م. يهدف المشروع إلى تطوير البنية التحتية الغازية، وتأمين إمدادات الطاقة للصناعات والمحطات الكهربائية، مما يعزز مكانة المغرب كمركز طاقي إقليمي. يأتي هذا الحدث في سياق جهود المملكة لتقليل الاعتماد على الواردات الطاقية وتعزيز الطاقات المتجددة، مع تعزيز الربط الطاقي مع أفريقيا وأوروبا. يستعرض هذا التقرير تفاصيل المشروع، أهدافه، وتأثيره الإيجابي على الاقتصاد والتنمية المغربية.
أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، خلال كلمتها في المؤتمر، عن إطلاق المناقصة التي تشمل إنشاء محطة استقبال الغاز المسال في ميناء الناظور، إلى جانب تطوير شبكة أنابيب لنقل الغاز. ستُربط المحطة بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، مما يتيح تزويد المحطات الكهربائية التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمناطق الصناعية في القنيطرة والمحمدية، بالغاز الطبيعي المسال. كما سترتبط المحطة بمحطات مستقبلية على الساحل الأطلسي، وتدعم مشروع أنبوب الغاز الأطلسي الأفريقي المزمع إنشاؤه لربط المغرب بنيجيريا عبر ميناء الداخلة.
لم تكشف الوزيرة عن تفاصيل المناقصة، مثل الجدول الزمني أو الشركات المتقدمة، لكنها أكدت أن المشروع يمثل خطوة محورية في استراتيجية المغرب لتأمين احتياجاته الطاقية. وفقًا لتقديرات وزارة الانتقال الطاقي، من المتوقع أن ترتفع احتياجات المغرب من الغاز الطبيعي إلى 8 مليارات متر مكعب بحلول عام 2027، مقارنة بمليار متر مكعب حاليًا، مما يبرز الحاجة الملحة لتطوير البنية التحتية.
يهدف المشروع إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية مثل تأمين إمدادات الطاقة حيث يسعى المغرب إلى تقليل اعتماده على استيراد 96% من احتياجاته الطاقية، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار العالمية الناجم عن التوترات الجيوسياسية، ودعم الصناعة حيث سيوفر الغاز المسال مصدر طاقة نظيفًا ومستدامًا للمناطق الصناعية، مما يعزز الإنتاجية ويجذب الاستثمارات، كذلك تعزيز الربط الطاقي: فالمشروع يدعم طموح المغرب ليصبح مركزًا لنقل الطاقة بين أفريقيا وأوروبا، من خلال الربط بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي ومشروع الأنبوب الأطلسي، بالاضة الى الالتزام بالتنمية المستدامة حيث يتماشى المشروع مع استراتيجية المغرب للانتقال إلى طاقة نظيفة، إلى جانب استثماراته في الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.
يحمل إطلاق محطة استقبال الغاز المسال في ميناء الناظور دلالات اقتصادية وبيئية كبيرة:
تعزيز الأمن الطاقي: يوفر المشروع مصدرًا موثوقًا للطاقة، مما يقلل من تأثير تقلبات الأسواق العالمية على الاقتصاد المغربي.
دعم الاقتصاد الوطني: سيخلق المشروع فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، خاصة في منطقة الناظور، ويعزز التنمية الإقليمية في شمال شرق المغرب.
التكامل مع الطاقات المتجددة: يدعم المشروع استراتيجية المغرب للجمع بين الغاز الطبيعي والطاقات المتجددة، حيث يُعد المغرب من أكبر خمس دول عربية في إنتاج الطاقة الشمسية.
تعزيز التعاون الإقليمي: يعزز المشروع الربط الطاقي مع أوروبا وأفريقيا، مما يعزز مكانة المغرب كشريك استراتيجي في قطاع الطاقة.
أشادت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي، خلال كلمتها، بأهمية التكامل بين الطاقة، الماء، والأمن الغذائي، مؤكدة أن المشروع يعكس التزام المغرب بمواجهة التحديات البيئية والجيوسياسية. كما أثنى المشاركون في مؤتمر ورزازات على الرؤية الطموحة للمشروع، مشيرين إلى أنه سيسهم في تعزيز التنافسية الاقتصادية. علق المحلل الاقتصادي المغربي ياسر العلوي قائلًا: “إنشاء محطة الناظور خطوة جريئة تدعم الاستقلال الطاقي وتفتح آفاقًا للتصدير إلى أوروبا”. كما تفاعلت منصات التواصل الاجتماعي مع الخبر، معبرة عن تفاؤل الجمهور المغربي بمستقبل طاقي مستدام.
تشهد المملكة المغربية طفرة في قطاع الطاقة، مدعومة باستثمارات في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، إلى جانب مشاريع البنية التحتية مثل ميناء الناظور غرب المتوسط. يأتي هذا المشروع في وقت تسعى فيه المملكة إلى مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، مع تعزيز شراكاتها الإقليمية، خاصة مع نيجيريا ودول أوروبا.
يمثل إطلاق مناقصة إنشاء محطة استقبال الغاز المسال في ميناء الناظور خطوة استراتيجية تعزز مكانة المغرب كمركز طاقي إقليمي. من خلال تطوير البنية التحتية الغازية والربط مع الأنابيب الإقليمية، يسعى المغرب إلى تأمين احتياجاته الطاقية، دعم الصناعة، وتعزيز التنمية المستدامة. يعكس هذا المشروع رؤية المملكة الطموحة لتحقيق الاستقلال الطاقي والمساهمة في استقرار سوق الطاقة.