توافقت الدول المشاركة في المؤتمر الدولي الرفيع الذي استضافته الأمم المتحدة في نيويورك حول «التسوية السلمية لمسألة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين» على «خريطة طريق» هدفها زيادة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وبذل مزيد من الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب والكارثة الإنسانية في غزة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. عُقد المؤتمر على مدى يومين، برعاية المملكة العربية السعودية يمثلها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وبمشاركة فرنسا يمثلها وزير خارجيتها جان نويل بارو.
وتضمنت الوثيقة الختامية التي صدرت عن المؤتمر «خريطة طريق» للعمل نحو تحقيق «السلام العادل والدائم والشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين». الوثيقة الختامية أكدت الوثيقة الختامية «المسؤولية المتواصلة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية»، وضرورة إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي التي سيطرت عليها عام 1967، كما شددت على «احترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني وذلك الخاص بحقوق الإنسان»، ودعا إلى «تدابير لحماية المدنيين الفلسطينيين». ودعت الوثيقة كذلك إلى «الوقف الفوري للنشاطات الاستيطانية، ومصادرة الأراضي، وتدمير البيوت، وكل أعمال العنف والاستفزاز». وإضافة إلى الدعوات لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، طالبت بإعطاء الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير وفي قيام دولتهم، ودعت إلى «حل عادل» لقضية اللاجئين. كما نصت على ضرورة اتخاذ خطوات «لا رجعة فيها» نحو حل الدولتين استناداً لحدود ما قبل عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية «عاصمة مشتركة». وسلطت الضوء أيضاً على «دعم إصلاحات الحوكمة الفلسطينية، ونزع السلاح، وإجراء انتخابات ديمقراطية. وطالبت الوثيقة بـ«مساعدة إنسانية منسقة وإعادة إعمار غزة»، مع الإشارة إلى «الرأي الاستشاري الذي أصدرته في يوليو 2024 محكمة العدل الدولية، التي أعلنت أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني». وصيغت الوثيقة بحيث تشمل 4 موضوعات رئيسية، هي الاعتراف بفلسطين، والتكامل الإقليمي «بطريقة متصلة بالتقدم الصادق في عملية إنشاء الدولة، وإصلاحات الحوكمة الفلسطينية، والاستجابة الإنسانية». دعوة إلى «تحقيق مكاسب المؤتمر» وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال مصدر قريب من وزير الخارجية الفرنسي إن المؤتمر انعقد «في لحظات حرجة بدا فيها حل الدولتين مهدداً أكثر من أي وقت مضى»، مشيراً إلى الحرب في غزة وما سببته من دمار ومعاناة مستمرة بين المدنيين. كما أشار المصدر إلى تسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، وتزايد عنف المستوطنين المتطرفين، وكذلك تزايد عدد الداعين إلى عدم الاعتراف بحل الدولتين داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وإلى ضم الضفة الغربية في خطوة أقرها الكنيست الإسرائيلي قبل بضعة أيام. وأضاف: «ما هو مطلوب الآن يتجاوز ما كان مطلوباً في أي وقت مضى»، وهو ما دفع المملكة العربية السعودية تشاركها فرنسا «لإعادة إطلاق الديناميكية السياسية والدبلوماسية حول حل الدولتين». ودعا إلى «تعزيز هذه الديناميكية والمساعدة في تحقيق مكاسب المؤتمر، وواصل حديثه قائلاً: «لدينا الآن وثيقة ختامية معتمدة ليس فقط من فرنسا والمملكة العربية السعودية، ولكن أيضاً من قبل الرؤساء المشاركين الـ 27 لمجموعات العمل في المؤتمر، وبينهم بعض الشركاء الغربيين والعرب الرئيسيين». وأضاف: «سيتم اقتراح هذه الوثيقة على أي دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة للمصادقة عليها». ووصف الإعلان بأنه «بالغ الأهمية، وغير مسبوق». ونشر وزير الخارجية الفرنسي، تدوينة على منصة «إكس» قال فيها: «انضمت المملكة المتحدة اليوم إلى المبادرة الديناميكية من أجل استكشاف الدولة الفلسطينية. معاً، من خلال هذا القرار الحاسم وجهودنا المترافقة، نواصل العمل، خلال دورة متواصلة من العنف، ونتعامل مع منظور جديد للسلام في المنطقة».
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو، أن 15 دولة وجّهت نداء جماعيا تعتزم فيه الاعتراف بدولة فلسطين. وقال بارو عبر منصة “إكس” عقب اختتام مؤتمر حل الدولتين “في نيويورك مع 14 دولة أخرى توجه فرنسا نداء جماعيا: نعرب عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا”.
والى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى هذا النداء المشترك. ووقعت دول أخرى على الدعوة، وهي أندورا وفنلندا وأيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا. وأعربت 9 دول منها -لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية- عن استعدادها أو اهتمامها الإيجابي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي أندورا وأستراليا وكندا وفنلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والبرتغال وسان مارينو.





