تشهد قطر نمواً ملحوظاً في القطاع السياحي، مدفوعةً بزخم استثماراتها الكبرى في استضافة الأحداث الرياضية العالمية، ضمن رؤية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي. ووفقاً لبيانات حديثة، تجاوز عدد الزوار الدوليين إلى قطر 5.1 مليون زائر في عام 2024م، بزيادة بلغت 25% مقارنة بالعام السابق، فيما استقبلت الدوحة نحو مليوني زائر إضافي خلال الأشهر الأولى من عام 2025م.
ويؤكد هذا الأداء المتسارع على احتمالية تحقيق قطر لهدفها بجعل السياحة مساهماً بنسبة 12% من الناتج المحلي قبل عام 2030م، وهو ما يُعد إنجازاً مبكراً مقارنة بالموعد المحدد. ويرى القائمون على قطاع السياحة أن تسليط الضوء العالمي خلال كأس العالم 2022م، كان بمثابة نقطة انطلاق نحو تحول دائم في خارطة السياحة القطرية.
في هذا السياق، صرّح عبد العزيز علي المولوي، الرئيس التنفيذي لمكتب “زوروا قطر”، أن البلاد تقترب من بلوغ هدفها بجذب 6 إلى 7 ملايين سائح سنوياً، مشيراً إلى أن النمو القوي في أعداد الزوار مدفوع بترسيخ مكانة قطر كوجهة رياضية عالمية. وأوضح أن الأشهر المقبلة ستشهد استضافة مجموعة من البطولات والفعاليات الكبرى، مثل كأس العالم لكرة القدم تحت 17 عاماً، وكأس العرب 2025، وسباق “فورمولا 1” في حلبة لوسيل، إلى جانب حدث عالمي كبير سيتم الإعلان عنه نهاية نوفمبر المقبل.
إلى جانب الفعاليات الرياضية، تعمل الدوحة على تطوير منظومة سياحية متكاملة تستهدف الزوار على مدار العام، بما في ذلك العائلات الباحثة عن الرفاهية بأسعار مقبولة. وتُراهن الحكومة على الأمن، والنظافة، وجودة الخدمات الفندقية والمطاعم، كعوامل جذب أساسية. ويجري حالياً توسيع قاعدة الفنادق والمنتجعات، إلى جانب الاستثمار في بنية تحتية متخصصة بالمؤتمرات والمعارض، مع وجود نحو 40 ألف غرفة فندقية في العاصمة، ومشاريع إضافية قيد التنفيذ.
في المقابل، تظل المنافسة الإقليمية عاملاً مؤثراً، حيث تحتفظ دبي بموقعها كمركز سياحي مهم في المنطقة، بينما تستثمر أبو ظبي 10 مليارات دولار لتعزيز مكانتها الثقافية والسياحية، وتسعى السعودية إلى جذب 70 مليون سائح دولي سنوياً بحلول عام 2030. ومع ذلك، تسعى قطر لتجاوز مفهوم المنافسة من خلال التعاون الإقليمي عبر حملات سياحية مشتركة ومسارات سفر متعددة الوجهات تشمل دول الخليج الأخرى، وهو ما عبّر عنه المولوي بقوله: “نحن نكمل بعضنا البعض”.
ويُشار إلى أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي شكلوا 41% من الزوار لقطر في العام الماضي، مع تصدّر السعوديين القائمة. وتستهدف قطر تنويع أسواقها السياحية، إذ تشمل أبرز الأسواق الدولية المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والصين، والهند، وألمانيا. كما افتتحت الدوحة مكاتب ترويج سياحي في 13 دولة لتوسيع حضورها العالمي.