حذرت منظمة الصحة العالمية من تدهور الوضع الصحي والإنساني في قطاع غزة، مؤكدة أن النظام الصحي في القطاع يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، وسط نقص حاد في الإمدادات الطبية والوقود، وقيود كبيرة على حركة المرضى والكوادر الطبية.
وفي تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، قالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية للمنظمة لشرق المتوسط، إن “الوضع الصحي في غزة يشهد تدهوراً متسارعاً بسبب الأعمال العدائية المستمرة والحصار ونقص المقومات الأساسية لتشغيل المرافق الصحية”.
ووفقاً للمنظمة، فإن 18 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل حالياً، وغالبيتها في ظروف شديدة الخطورة، مع نقص شديد في الوقود والإمدادات الطبية. كما أشارت بلخي إلى أن نحو 90% من المناطق في غزة تخضع لأوامر إخلاء أو تصنيفها كمناطق عسكرية مغلقة، ما يقيّد وصول المرضى والمساعدات الإنسانية.
وأفادت المنظمة بأن وحدات العناية المركزة وأقسام الطوارئ وغسيل الكلى ومولدات الأكسجين معرضة للتوقف الكامل، في ظل انقطاع الوقود منذ أكثر من 120 يوماً، بينما تواجه المستشفيات ارتفاعاً كبيراً في عدد المصابين، وتزايد حالات سوء التغذية الحاد، لا سيما بين الأطفال والنساء الحوامل.
وبحسب بيانات المنظمة، توفي 77 شخصاً بسبب سوء التغذية في يوليو الماضي، بينهم 27 طفلاً دون سن الخامسة، فيما تلقى أكثر من 20 ألف طفل العلاج من حالات سوء التغذية الحاد منذ أبريل، منهم 3 آلاف في حالة حرجة. كما يعاني أكثر من 40% من النساء الحوامل والمرضعات من سوء تغذية حاد.
وأوضحت بلخي أن أربعة مراكز فقط للتغذية العلاجية لا تزال تعمل في غزة، لكنها تواجه نقصاً حاداً في الإمدادات، مع مخاوف من توقفها التام بحلول منتصف أغسطس.
كما لفتت إلى حاجة أكثر من 14 ألف مريض إلى الإجلاء الطبي خارج القطاع، منهم مرضى سرطان وأطفال في حالات حرجة، في ظل انهيار البنية التحتية الصحية وعدم توفر الأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية والإنسولين وأدوية السرطان.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن القيود المفروضة على دخول الفرق الطبية الدولية تفاقم الوضع، حيث رُفض دخول 58 طبيباً منذ مارس الماضي، في حين لم يُمول سوى 16% من خطة الاستجابة التنفيذية للمنظمة في فلسطين لعام 2025.
وعلى صعيد آخر، أكدت بلخي أن المنظمة واجهت تحديات أمنية كبيرة، من بينها تعرض مقار إقامة موظفيها في دير البلح لهجمات، وإجلاء طواقمها تحت القصف، مع بقاء أحد الموظفين قيد الاحتجاز، مطالبة بالإفراج الفوري عنه.
ورغم هذه التحديات، أوضحت بلخي أن المنظمة تمكنت من إدخال 24 شاحنة مساعدات منذ بداية أغسطس، تشمل أدوية ومستلزمات طبية ومختبرية، كما دعمت إجلاء 47 مريضاً إلى عدد من الدول.
وجددت المنظمة دعوتها إلى ضمان تدفق الإمدادات الطبية والوقود، وتوفير الحماية للعاملين الصحيين والمرافق الطبية وفقاً للقانون الدولي الإنساني، مؤكدة التزامها بمواصلة العمل في غزة وتعزيز استجابتها الإنسانية بالتعاون مع الشركاء الدوليين.