افتتحت هيئة البحرين للثقافة والآثار معرضًا فنيًا بعنوان “وجه أنثوي” في متحف موقع قلعة البحرين، أحد أبرز المعالم الثقافية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ويستمر حتى 31 مايو 2025. يسلط المعرض الضوء على إبداع خمس فنانات بحرينيات في مجالات الرسم، النحت، والتصوير الفوتوغرافي، ويعكس تجاربهن الشخصية وقراءتهن لقضايا الهوية والمرأة والمجتمع.
ويأتي هذا المعرض ضمن جهود الهيئة المتواصلة لتعزيز الحركة التشكيلية المحلية ودعم الموهبة النسائية، مسلطًا الضوء على الدور المتنامي للمرأة في إثراء المشهد الثقافي والفني في المملكة.
يشارك في المعرض عدد من الفنانات البحرينيات، وهن: فاطمة عبد الصالح، مريم عبد الجبار، مريم النوخذة، نور الهدى محمد، ونور النعيمي. وتتنوع أعمالهن بين اللوحات التعبيرية والمنحوتات المستوحاة من التراث البحري، مرورًا بالتصوير الفوتوغرافي الذي يوثق الحياة اليومية البحرينية من زوايا جديدة. يعكس هذا التنوع أساليب فنية متمايزة ورؤى متعددة تتقاطع عند نقطة واحدة: التعبير عن التجربة الأنثوية بكل أبعادها الاجتماعية والثقافية.
ففي الوقت الذي تستكشف فيه لوحات فاطمة عبد الصالح العمق النفسي للذات النسائية، تركز عدسة مريم عبد الجبار على مشاهد من الواقع البحريني المعاصر. أما مريم النوخذة، فتقدم منحوتات ذات طابع تراثي تستلهم البيئة البحرية، في حين تطرح أعمال نور الهدى محمد ونور النعيمي رؤى معاصرة تسائل مفاهيم الهوية والانتماء.
لا يقتصر “وجه أنثوي” على العرض البصري، بل يشمل أيضًا فعاليات تفاعلية تهدف إلى فتح أبواب الحوار مع الجمهور، مثل جلسات حوارية مع الفنانات، وورش عمل فنية مفتوحة للزوار من مختلف الأعمار، إلى جانب جولات إرشادية لتقديم شرح حول الأعمال وسياقها الثقافي والتاريخي.
هذه الفعاليات تهدف إلى تعزيز التفاعل المجتمعي والثقافي، وتشجيع المواهب الشابة على خوض غمار الفن والتعبير الإبداعي، مما يجعل من المعرض منصة شاملة للعرض والتعليم والتبادل الثقافي.
يحمل معرض “وجه أنثوي” بُعدًا اجتماعيًا وثقافيًا يعكس مدى تمكين المرأة في المجال الفني، ويبرز مساهمتها في تشكيل الهوية الثقافية البحرينية من خلال الفنون المعاصرة. كما يشكل المعرض رابطًا حيًا بين التراث البحريني، الذي تمثله قلعة البحرين كموقع أثري عريق، والتعبير الفني الحديث، مما يسهم في ترسيخ الهوية الوطنية بأساليب إبداعية.
وقد لقي المعرض إشادة واسعة من المهتمين بالشأن الثقافي، واعتُبر مثالًا ناجحًا على التزام المؤسسات الثقافية بدعم الفنانات وتسليط الضوء على أصواتهن. ووصفت إحدى المشاركات المعرض بأنه “فرصة للتعبير عن الذات وإيصال صوت المرأة البحرينية بصريًا”، فيما تفاعل الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي مع الأعمال المعروضة، مشيدين بجودة المحتوى وتنوعه الفني.
من خلال استضافة المعرض في موقع أثري هام، تسعى هيئة الثقافة إلى ربط الفن بالسياحة الثقافية، وتعزيز جاذبية قلعة البحرين كوجهة محلية وعالمية. ويُنتظر أن يسهم المعرض في استقطاب جمهور واسع من الزوار والسياح، ويمنحهم تجربة ثقافية غنية تربط بين الماضي والحاضر، بين التراث والإبداع النسوي المعاصر.
وبهذا، يشكل “وجه أنثوي” أكثر من مجرد عرض فني، بل منصة للتعبير، والحوار، والتفاعل، والانفتاح على قضايا المرأة والهوية في البحرين الحديثة، وسط مشهد ثقافي متنامٍ يؤكد أن الإبداع النسائي في المملكة حاضر ومتجدد.