أجرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ونظيرها النمساوي جيرهارد كارنر محادثات مع الحكومة السورية في العاصمة دمشق حول ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين، في خطوة هامة نحو تعزيز التعاون في هذا المجال. اللقاء الذي جرى مع وزير الداخلية السوري أنس خطاب، الذي تولى منصبه حديثاً، جاء في وقت حساس حيث تسعى سوريا إلى تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية بعد سنوات من الحرب.
وبحسب تصريحات وزير الداخلية السوري، تم مناقشة العديد من القضايا الهامة، حيث تم التركيز على تطوير بيئة ملائمة للاستثمار وتوفير فرص عمل داخل البلاد. وقال خطاب إنه تمت مناقشة سبل تشجيع السوريين الذين غادروا البلاد بسبب الحرب على العودة، مشيراً إلى أن تحسين الوضع الاقتصادي سيشجع على العودة الطوعية. كما أشار إلى استعداد الحكومة السورية لإصدار جوازات السفر والوثائق للمواطنين، وهو ما اعتبرته وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر “خطوة إلى الأمام” في مسألة الترحيل الطوعي.
في تصريحاتها الصحفية، أكدت فيزر أنها راضية عن المحادثات التي تم إجراؤها، مشيرة إلى أن النقاشات تناولت الوضع الأمني في سوريا، وخاصة فيما يتعلق بمكافحة تنظيم داعش (الدولة الإسلامية). وفي بداية الاجتماع، صرحت فيزر بأن سقوط نظام الأسد يُعد فرصة لإحداث تغييرات ديمقراطية في سوريا، رغم الاعتراف بتوتر الوضع الأمني وهشاشة الوضع الإنساني في العديد من المناطق.
وأعربت فيزر عن رغبتها في التحدث مع الحكومة السورية بشأن آفاق عودة اللاجئين، مشيرة إلى أن كثيراً من اللاجئين الذين استقروا في ألمانيا قد تمكنوا من بناء حياة جديدة، بما في ذلك تعلم اللغة الألمانية والحصول على فرص عمل. وأضافت أنه رغم نجاح العديد من هؤلاء اللاجئين في بناء حياة مستقرة، فإن الأولوية الألمانية هي التركيز على ترحيل المجرمين والمتطرفين بشكل سريع، وهو ما يتطلب التعاون مع السلطات السورية لضمان عودة هؤلاء الأفراد.
وخلال الزيارة، استقبل مسؤول في وزارة الخارجية السورية وزيرة الداخلية الألمانية في المطار، وأكد أن الوضع في سوريا يتسم بـ”التفاؤل الحذر”. وأشار المسؤول إلى أن الوضع الأمني في البلاد شهد بعض الحوادث الفردية، إلا أن الأوضاع بشكل عام تسير نحو الاستقرار.
تأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه الحكومة الألمانية إلى دعم انطلاقة جديدة في سوريا، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب. كما تسعى ألمانيا إلى رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، وهو ما قد يعزز من قدرة الحكومة السورية على استعادة بعض من اقتصادها المدمَّر وتحسين الوضع العام في البلاد.
يذكر أن موضوع العودة الطوعية للاجئين السوريين كان محط اهتمام كبير من قبل الحكومات الأوروبية، خاصةً في ظل ارتفاع أعداد اللاجئين السوريين في أوروبا منذ بداية النزاع السوري. وقد كانت ألمانيا من أبرز الدول التي استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين، وأصبحت قضية عودتهم جزءًا من أجندات النقاشات السياسية الأوروبية والدولية.
ومن المتوقع أن تستمر المحادثات بين ألمانيا والنمسا وسوريا في الأشهر المقبلة، حيث تسعى الأطراف المعنية إلى إيجاد حلول واقعية وآمنة للاجئين، بما يعزز من استقرار الوضع في سوريا ويدعم الجهود الإنسانية في المنطقة.