أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) الخميس 24 أبريل 2025م، فوز رواية “صلاة القلق” للكاتب المصري محمد سمير ندا بالجائزة في دورتها الثامنة عشرة، خلال حفل أقيم في أبو ظبي، عشيّة افتتاح الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب.
تُعد هذه الجائزة من أبرز الجوائز الأدبية في العالم العربي، وتبلغ قيمتها المالية 50 ألف دولار أمريكي، إضافة إلى 10 آلاف دولار لكل من الروايات الخمس الأخرى التي وصلت إلى القائمة القصيرة.
تدور أحداث الرواية في قرية “نجع المناسي” المتخيلة في صعيد مصر، التي تعيش في عزلة منذ نكسة 1967، حيث يعتقد سكانها أنهم في خط الدفاع الأول ضد العدو الإسرائيلي. في عام 1977م، يهز انفجار غامض القرية، مما يؤدي إلى تحوّلها إلى “علبة مغلقة” تعيش في زمن موازٍ، بعيدًا عن الواقع الخارجي.
تُقدم الرواية سردًا رمزيًا متعدد الأصوات، يمزج بين الفانتازيا والتاريخ، ويُعيد مساءلة مرويات النكسة وما تلاها من أوهام السيادة وزمن الشعارات. وقد وصفت رئيسة لجنة التحكيم، الأكاديمية المصرية منى بيكر، الرواية بأنها “توقظ في نفس القارئ أسئلة وجودية، وتجعل من القراءة تجربة حسّية، كما أنّ لها أبعاداً تتخطّى الجغرافيا لتلامس المشترك الإنساني”.
وُلد محمد سمير ندا في بغداد عام 1978م، في أسرة ثقافية؛ فوالده هو الأديب المصري الراحل سمير ندا، ووالدته كانت مسؤولة ثقافية حكومية. تنقّلت عائلته بين بغداد وطرابلس والقاهرة، مما أثرى تجربته الثقافية والإنسانية. رغم تخصصه في مجال التجارة وعمله في القطاع السياحي، بدأ ندا الكتابة مبكرًا، وأصدر روايته الأولى “مملكة مليكة” عام 2016م، تلتها “بوح الجدران” عام 2021م، التي أعادت بناء جزء من ذاكرة طفولته في بغداد، ممزجًا بين الواقع والخيال
أشاد ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، بالرواية قائلاً: “صلاة القلق رواية بديعة في بنيتها، جاذبة في أسلوبها، أخاذة في شاعرية لغتها، وآسرة في مضامينها المفتوحة التي تؤهلها، مجتمعة، لأن تصبح رواية مكرّسة من روايات الأدب العربي في المستقبل”
يُعد فوز “صلاة القلق” هو الثالث لمصر في تاريخ الجائزة، بعد فوز بهاء طاهر برواية “واحة الغروب” في الدورة الأولى عام 2008، ويوسف زيدان برواية “عزازيل” في الدورة الثانية عام 2009م. ويُعتبر محمد سمير ندا أصغر كاتب مصري يفوز بالجائزة حتى الآن.
ضمت القائمة القصيرة للجائزة هذا العام ست روايات، هي: “دانشمند” للموريتاني أحمد فال الدين، و”وادي الفراشات” للعراقي أزهر جرجيس، و”المسيح الأندلسي” للسوري تيسير خلف، و”ميثاق النساء” للبنانية حنين الصايغ، و”ملمس الضوء” للإماراتية نادية النجار، إضافة إلى الرواية الفائزة “صلاة القلق.
يُعد فوز “صلاة القلق” بجائزة البوكر العربية لعام 2025 تتويجًا لمسيرة أدبية متميزة، ويُبرز صوتًا جديدًا في الساحة الثقافية العربية، يُعيد مساءلة التاريخ من خلال سردية رمزية تُلامس الهم الإنساني المشترك.